في حوار لـ«الاتحاد».. وزير خارجية أذربيجان: اهتمام بالغ بتطوير العلاقات وتوسيع التعاون مع الإمارات
علي العمودي (الاتحاد)
أكد معالي جيحون بيراموف، وزير خارجية جمهورية أذربيجان، أن بلاده تولي اهتماماً بالغاً لتطوير العلاقات الثنائية وتوسيع دوائر ومجالات التعاون مع الإمارات التي قال: إنها تعد الشريك التجاري الرئيسي لبلاده في منطقة الخليج. وأعرب في حوار لـ«الاتحاد» عن تثمين أذربيجان لدعم الإمارات لها في مواجهة جائحة كورونا المستجد كوفيد-19، مؤكداً أهمية التعاون الدولي في مواجهة الجائحة التي أثرت في العالم بأسره، بما في ذلك تطوير العلاقات.
كما أعرب عن تقديره لمبادرات الإمارات، وجهودها في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب، ودعم السلام في المنطقة والعالم. وأكد التزام بلاده بالتوصّل إلى تسوية النزاع بينها وبين جارتها أرمينيا بالطرق السلمية، داعياً لبذل الجهود الدولية والعمل وفق القانون الدولي الذي ينص على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً. وفيما يلي نص الحوار مع معالي جيحون بيراموف وزير خارجية جمهورية أذربيجان.
* كيف تصفون علاقاتكم مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهودكم المشتركة لتطوير علاقات الصداقة والتعاون المشترك في مختلف المجالات؟
** بدايةً، أود أن أشير إلى أن أذربيجان تُولي اهتماماً بالغاً لتطوير علاقات الصداقة وتوسيع التعاون في مختلف المجالات مع البلدان العربية التي ترتبط معها من خلال الأواصر الثقافية والدينية التاريخية، ولاسيّما دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
كما يعرف الجميع أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية أذربيجان. وقد تمّت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أذربيجان في 1 سبتمبر 1992م. ويتمتع بلدانا حالياً بالتعاون المتبادل المثمر في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية والسياحية وغيرها. وبطبيعة الحال، فإن الزيارات المتبادلة بين بلدينا، إضافة إلى تكثيف الاتصالات بين رؤساء الدول، تكتسب أهمية قصوى لدى الجانبين.
في هذا الصدد، أودّ الإشارة إلى الزيارة الرسمية لفخامة إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير عام 2016، مع التأكيد على أن هذه الزيارة قد لعبت دوراً هامّاً في تطوير العلاقات، وساهمت في مزيد من التقارب بين بلدينا الشقيقين. وأرى بأن استمرار الاتصالات رفيعة المستوى في المستقبل بالغ الأهمية لدعم تعزيز العلاقات الثنائية.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الشريك التجاري الرئيسي لأذربيجان من ضمن دول مجلس التعاون الخليجي العربي. ويُسعدنا أن حجم التبادل التجاري بين بلدينا ارتفع العام الماضي بنسبة 21.3%. وبشكل عام، أود أن أشير إلى أنه وفقاً لمؤشرات العام الماضي، فإن حصة الإمارات في حجم التبادل التجاري لأذربيجان مع دول منطقة الخليج قد شكلت 76%.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، من المهم الإشارة إلى قطاع السياحة الهام، حيث تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً هاماً في قطاع السياحة في أذربيجان، وحسب الإحصائيات الأخيرة، بلغ عدد السياح القادمين إلى بلادنا من الإمارات حوالي 70 ألف سائح خلال عام 2019. وحلت الإمارات العام الماضي في المرتبة السادسة من حيث عدد السياح الذين زاروا أذربيجان.
بطبيعة الحال، فإن وباء «كوفيد-19» قد أثّر على تطوير علاقاتنا في عدد من المجالات خلال العام الجاري، وخاصة في قطاع السياحة. ومع ذلك، أثق بأنه في فترة ما بعد الجائحة سيتمّ اتخاذ خطوات مشتركة لزيادة تطوير علاقاتنا في المجالات ذات الصلة. في الوقت الراهن تتعاون جمهورية أذربيجان والإمارات العربية المتحدة بنجاح على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف. وبالتالي، فإن التعاون والدعم المتبادل القائم بين بلدينا في المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز وغيرها في هذا الإطار، يخدم السلام والأمن والتنمية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كما أودّ أن أشير إلى أن أذربيجان تولي اهتماماً خاصاً لتطوير العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذا الصدد فإنه من الضروري التأكيد على أهمية منتدى الأعمال الأذربيجاني - الخليجي الذي انعقد في 20 أكتوبر 2017 في باكو. وأعتقد أن استمرار مثل هذه المبادرات مهم من حيث تحقيق الأهداف الاقتصادية والتجارية بين أذربيجان ودول المنطقة.
وأذكر في هذا النطاق أولى مكالماتي الهاتفية، بعد تعييني وزيراً لخارجية جمهورية أذربيجان، مع سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة. وأسعدني أن أتلقّى التهاني الخالصة من سموه، وتبادلنا وجهات النظر حول تطوير العلاقات الودية والتعاون بين بلدينا بشكل عام. وأنا على استعداد تام لمناقشة جدول أعمال التعاون الثنائي بالتفصيل مع سموه في أول فرصة. وأعتقد أن اتصالاتنا المباشرة يمكن أن تسهم إسهاماً بالغاً في توطيد أواصر التعاون بيننا، سواء كان ذلك في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة والعلوم والثقافة، وغيرها.
مكافحة الإرهاب
*ما الجهود المشتركة بينكم وبين دولة الإمارات في مجال التعاون المشترك للحدّ من العنف ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وإرساء السلام في الخليج وآسيا الوسطى والعالم عامةً في إطار المنظمات الدولية؟
**أود أن أشير إلى أن أذربيجان والإمارات تقومان بالتعاون المثمر وذي المنفعة المتبادلة ضمن أشكال متعددة الأطراف. كلا البلدين عضوان في الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز ومجموعة الـ 77 ومنظمة التعاون الإسلامي. كما يتمتع بلدانا بخبرة عالية في تقديم الدعم والتأييد المتبادل لانتخاب مرشحي بعضهما البعض في المناصب التي يتمّ الترشيح لها في المنظمات الدولية. وتشترك أذربيجان والإمارات في الأهداف المشتركة، المتمثلة في تعزيز التعددية والتضامن والتعاون في حلّ القضايا الدولية. كما هو معروف، فقد كان البلدان عضوين غير دائمين في مجلس الأمن للأمم المتحدة، وهذا دليل على المسؤولية والالتزام من خلال المشاركة بنشاط في معالجة القضايا الهامة في جدول الأعمال العالمي. وحالياً تترأس أذربيجان حركة عدم الانحياز، ومن خلال هذا، فإن الهدف الرئيسي لبلدنا يكمن في توسيع التعاون داخل الحركة وتوطيد التضامن. وفي الواقع، فإننا نقدر تقديراً عالياً العمل البناء الذي تقوم به الإمارات والدعم المُقدّم لجهود الرئاسة الأذربيجانية.
وتقدر أذربيجان عالياً مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة في جهود مكافحة التطرف العنيف. وبهذا الخصوص أودّ أن أؤكد أن مركز «هداية» في الإمارات، قدّم مساهمة مهمة في الجهود العالمية في هذا المجال. ويعتبر هذا المركز من أفضل الأمثلة على مكافحة التطرف العنيف، لذا ترغب أذربيجان في التعاون مع المركز ودراسة التجربة الإماراتية.
وكما تعلمون، تستضيف دبي العام المقبل معرض «إكسبو 2021 دبي». وقد كانت أذربيجان من الداعمين الأوائل لترشيح دبي خلال فترة الانتخابات والاقتراح بشأن إقامة المعرض في عام 2020. وأنتهز هذه الفرصة لتهنئة دولة الإمارات على استضافة معرض «إكسبو 2021 دبي» في دبي، وأتمنى لها التوفيق.
النزاع مع أرمينيا
*هل ترون أن أذربيجان وأرمينيا سوف تبدآن جولة مفاوضات تحت مظلة منظمة مينسك للأمن والتعاون الأوروبي لاستعادة السلام والاستقرار في المنطقة للمضي في تنفيذ خطط التنمية الشاملة؟
** تشارك أذربيجان في محادثات تسوية النزاع منذ أكثر من 25 عاماً. الغرض الرئيسي من المحادثات، التي توسطت فيها مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، هو إزالة عواقب النزاع وعقد مؤتمر السلام. إن القضاء على عواقب النزاع يعني بطبيعة الحال انسحاب القوات المسلحة الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية المعترف بها دولياً، بما في ذلك إقليم ناغورنو كاراباخ والمناطق السبع المحيطة به، وعودة الأذربيجانيين الذين طردوا قسراً من هذه الأراضي إلى بيوتهم. ونجد أن جميع القرارات رقم: 822 و853 و874 و884 الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن المنظمات الدولية، تُطالب جمهورية أرمينيا بالانسحاب من الأراضي الأذربيجانية المحتلة، وتأييد سيادة جمهورية أذربيجان ووحدة أراضيها. ومع ذلك، يؤسفني أن أقول إن أرمينيا تتجاهل هذا الموقف العادل للمجتمع الدولي. لقد أكدنا مراراً، ومن خلال جميع بياناتنا، على التزامنا بالتوصّل إلى تسوية النزاع بالطرق السلمية. ومع ذلك، يجب أن تكون إجراءات مفاوضات السلام موضوعية وترتكز على النتائج الملموسة. وأرى بأن مفاوضات السلام يجب أن تعمل على إزالة هذه العقبة. وخلافاً لذلك، لا نجد أن هناك أية فائدة من عقد اجتماعات من أجل المفاوضات فقط.
وقف الاشتباكات
*معالي الوزير، ما الجهود المبذولة حالياً من المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى لوقف الاشتباكات المسلحة على الحدود بين البلدين؟
** لسوء الحظ، ممارسات أرمينيا تخدم إشعال التوترات في المنطقة. ففي الفترة ما بين 12 - 16 يوليو من عام 2020 انتهكت القوات الأرمينية المسلحة قرار وقف إطلاق النار في الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، وقصفت بالمدفعية مواقع القوات المسلحة الأذربيجانية المتواجدة هناك. كما حاولت وحدات القوات المسلحة الأرمينية الاستيلاء على المواقع الأذربيجانية في اتجاه منطقة «توفوز» الأذربيجانية الواقعة على الحدود مع أرمينيا، باستخدام نيران المدفعية. وردّت القوات المسلحة الأذربيجانية بالمثل، وأجبرتها على الانسحاب. وأرمينيا هي من يواصل بالأنشطة المنتهكة للقوانين في الأراضي الأذربيجانية المحتلة، بما في ذلك سياسة الاستيطان غير الشرعي في هذه الأراضي في منطقة ناغورنو كاراباخ الأذربيجانية وفي المناطق المحتلة الأخرى حولها. وهنا ندعو المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العظمى، للقيام بخطوات جادة وحصرية لتنفيذ القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز والمنظمات الدولية الأخرى. وإذا تعرضت الدولة المعتدية للضغط، فقد تضطر إلى إنهاء سياستها، ويجب أن تهدف جميع الجهود الدولية إلى العمل وفق القانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، والاعتراف بحقوق النازحين الذين انتهكت حقوقهم الأساسية،
وأنتهز هذه الفرصة لكي أعرب عن شكرنا وتقديرنا لموقف حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة المؤيد دائماً لموقف جمهورية أذربيجان العادل، والمستند إلى القوانين الدولية في تسوية نزاع ناغورنو كاراباخ.
مكافحة كورونا
*نجحت أذربيجان في التصدي لجائحة فيروس كورونا . كيف تنظرون إلى الدعم الذي قدّمته الإمارات لبلادكم لمساعدتها على احتواء تداعيات الجائحة؟
** لقد أثرت الأزمة الصحية العالمية الحالية على جميع العلاقات الدولية أيضاً، وأثبتت مكافحة هذه الجائحة مرة أخرى أنه لا يمكننا مكافحة التهديدات الجديدة إلا بالتضامن معاً. وبعبارة أخرى فقد أبرزت جائحة «كوفيد -19» أهمية التضامن والتعاون الدوليين. وتلعب أذربيجان دوراً فعالاً في مكافحة الجائحة محلياً ودولياً. وأودّ الإشارة إلى أن رئيس أذربيجان طرح العديد من المبادرات لتعزيز التضامن الدولي في مكافحة هذا التهديد العالمي. وقد تمّ عقد الاجتماعات رفيعة المستوى في المنظمات التي نرأسها بشأن مكافحة فيروس كورونا المستجد، بما في ذلك قمة مجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز. كما أود أن أشير أيضاً إلى أن تأييد دولة الإمارات العربية المتحدة لمبادرة فخامة الرئيس إلهام علييف، بصفته الرئيس الحالي لحركة عدم الانحياز، لعقد الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة على مستوى رؤساء الدول والحكومات عن طريق مؤتمر الفيديو لمكافحة «كوفيد-19»، هو مثال واضح على العلاقات الودية بين البلدين.
كما أودّ أن أشير بامتنان إلى تعاوننا مع الإمارات في مكافحة الجائحة، لا سيما مع واقع إرسال الإمارات 11 طناً من المساعدات إلى أذربيجان في 21 يونيو الماضي.
https://www.alittihad.ae/news/4127008/